يوم أول في المستشفى الجامعي =) - *RAMAD يوم أول في المستشفى الجامعي =) - *RAMAD

الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

يوم أول في المستشفى الجامعي =)

يوم أول في المستشفى الجامعي! 


أغسطس، 2015


ظهيرة يوم صيفي قائظ,
-          اوتش حر! اخبرت ابي والشمس تنصب محرقة علي, نظر لي بلطف “مقرعا”
اخذت اقوم بتعديل جهاز التكييف الذي لا فائدة منه في سيارة غير مظللة كهذه بينما راح ابي يقوم بضبط اعدادات “جوجل ماب” كي نصل الى وجهتنا سالمين, وصلنا مبكرين عن موعدنا المفترض بساعة بعد أن ضعنا في شوارع الرياض قليلا وهذا يرجع إلى عادة أبي  التي تجعلنا نخرج  مبكرين بساعة ونصف عن أي موعد احتراسا لحدوث طارئ كازدحام السير أو ضياعنا “كما يحدث عادة”, اعلمناهم بوجودنا ثم جلسنا ننتظر وننتظر, ربع ساعة… نصف …. سحبت قلمي الإلكتروني واخذت ارسم “سيكون نهارا طويلا” فكرت.

ساعة مرت, ساعتان, ثم حان دخولنا, تثاءب أبي “الحمد لله” واشار لي بسرعه, ذهبت إلى العيادة ركضا تقريبا, المهندس الذي لاقيته لأول مرة يبدوا لطيفا وهذا مهم جدا ومطمئن، فمن يرغب أن يعالج عند شخصٍ بغيضٍ عبوسٍ وان كان “تشيخوف” زمانه!
-          “تفضلي” كلمني المهندس <والذي عرفت بأن اسمه حسن> مشيرا إلى كابين عازل للصوت والذي بالمناسبة أسميه “كابين  الرعب” لأنه …. حسنا سأشرح السبب في النهاية!
جلست وتم اغلاق الباب علي فأصبحت في صمت دامس إلا صوت أنفاسي المتتالية، أشار لي من خلف الزجاج فهززت رأسي اتمتم لنفسي بأسى “نعم أعرف ما سأفعل” دقيقة و <هوبا> بدأ الأمر! كان علي أن أرفع يدي كلما سمعت صوتا, استمر الأمر دقيقة ربما ثم انتهى, أُشير لي أن أخرج فخرجت مسرعة مستبشرة بخلاصي.

تبعت أبي والمهندس إلى غرفة أخرى هنا يبدأ الجزء الأسهل لكن المحيّر أيضا, شغل المهندس جهاز اللابتوب وطلب مني سماعتي مددتها له, أمسكها ونظرة ذهول تطل من عينيه, اخذ وقتا وهو يفك اللاصق الذي كنت قد دثرت سماعتي به “كانت كميته كبيرة على فكره” بالطبع أثناء هذا كنت صامتة نظرا لأن سماعتي معه وبالتالي فأنا لا أسمع “أصمت دونها رأفة بحال البشرية فصوتي دونها عالياً بشكل مفجع” , نظرت إلى أبي فرأيته يشرح للمهندس سبب هذا اللاصق وضحكة لطيفة تطل من عينيه فابتسمت لطرافة المنظر واللاصق ينفلت من السماعة ليلتصق بسطح الطاولة ويعيث في الغرفة فسادا!, لأشرح لكم كي تكونوا على بينة, سماعتي كانت قد سقطت من رأسي ذات يوم فشرخ الجزء التحتي منها “البي تي” واصبح يلزمه لاصق كي يعمل وكي لايمتد الشرخ ويتطاول, الجزء العلوي من السماعة “البروسيسر” لا يلتصق بالجزء السفلي دون شيء يثبته وهذه حكاية اللاصق الحزينة كلها :)

بعد تركيب سماعتي بجهاز الكومبيوتر تم عمل اختبار غريب لي اخبرني بأنه اختبارا للعصب السمعي بعد الانتهاء منه وبدء البرمجة طلبت منه أن يحتفظ بالبرنامج الذي استخدمه عادة دون المساس به “لأطمئن نفسيا فقط تحسباً لو أن برمجته سيئة وهذا ماتم تفنيده في النهاية” فابتسم واخبرني أن هذه آلية عمله, بدأ يعلي الأصوات ويسألني هكذا جيد؟ كنت أخبره برأيي في الصوت أطلب منه أن يعليه تارةً أو يخفضه تارة واخبره لو شعرت أن الصوت كان مكتوماً وبالطبع كنت اطلب من والدي أن يتحدث حتى أقرر استحساني للصوت من عدمه, عندما وصلنا لنتيجة جيدة أخبرته أن يتوقف فاقترح علي أن يقوم برفع الصوت لمرة أخيره؟ بعد أن قام برفعه شعرت, كيف أصف ماشعرت به؟ كان شيئاً غريبا مع كل صوت وكأن طبلة أذني تهتز, كأنما شيئا ما يخترقها, “مارأيك؟” جازفت وقلت جيد ! لكن لأشعر بالأمان أكثر طلبت منه أن يقوم بحفظ برنامج آخر لنفس البرمجة لكن بصوت أخفض فابتسم وقال لي أن هذا ما يقوم بفعله أصلا, وهكذا تقريبا انتهينا, طرقة على الباب اضطرت المهندس أن يخرج فهمس لي أبي قلقا “شلون بتردين تركبين السماعة والتّيب شالوه!” فاأخبرته ضاحكة وأنا أربت على حقيبتي “لاتخاف جايبه تيب كامل احتياط” وخلال قهقته عاد المهندس ليفصل سماعتي عن جهاز الكمبيوتر ثم أعطاني إياها وهو ينظر قلقا  إلى اللاصق الذي لازال ملتصق بالطاولة, شغلت السماعة قبل أن اخرج اللاصق من حقيبتي وياللعجب ! لقد اشتغلت وإن كنت أظنها لفترة قليلة فحسب!! حمدت الله وسرت إلى كابين الرعب مرة أخرى ليعيد لي نفس الاختبار ويقارن بين النتيجتين لقياس مدى التحسن في البرمجة وكانت النتيجة مذهله والحمد لله, صافح أبي مودعا وخرجنا أنا وأبي فرحين حتى أننا نسينا شمس الظهيرة وانتظارنا ومسيرة الألف ميل بين المشفى وسيارتنا! أثناء سيرنا عفوا اصطلاؤنا في الشمس الرائعة:) كانت ضوضاء المراجعين المنعشه , ماذا؟ منعشه!! أجل بدت لي هكذا بعد البرمجة بل وشديدة العذوبة والجمال حتى ! كان أبي يسير أمامي على بعد لابأس به, حادثني وسمعته ! حتى أنا لا أصدق هذا لكنني فعلا سمعته! وسط صوت الهواء القوي وضوضاء السيارات والناس, ولم أكن أرى وجهه أيضا لكنني سمعته ! بالطبع وددت لو أنني خررت ساجدة شكرا لله وسط الجموع ونهضت صائحة أبشرهم أني أسمع بشكل مختلف, لكنني اكتفيت بأن صحت بهجة في داخل عقلي فحسب و اكملت خطواتي المسرورة نحو السيارة التي لازالت تبدوا بعيدة جدا.

 
     *“كابين الرعب" 

هوالسوء المتجلي لي منذ ثمان سنوات تقريبا <منذ بدأت بفقد سمعي> أولا لأن الهدوء الشديد في الكابين  يبعث فيك أحد شعورين إما أن يخيفك الصمت أو يغلبك النعاس!
أما ثانيا وبعيدا عن الصمت المخيف الذي يجعل صوت أنفاسك يبدو اعلى بديسبلات كثيرة فإنك وحالما يبدأ الاختبار يبدأ عقلك بتقليد الأصوات التي من المفترض ان تضغط على الزر حال سماعها وتبدأ حالة من الحيرة المبكية والتساؤل الشديد هل هذا الصوت من عقلي؟ هل هذا الصوت منبعث من الجهاز؟ أنا لاأظن مطلقا أنني قد خرجت من الاختبار بنتيجة دقيقة أبدا! وطوال الاختبار وأنا ارزح تحت ضغط نفسي هائل! “سألت صديقاتي فكان شعورهن مماثلا لشعوري” فما قصة الأصوات العقلية الباطنية ياترى؟

*“شاهدت عددا من المرضى يستلمون سماعاتهم للمرة الأولى وكنت سعيدة بمرآهم ووددت لو أتيحت لي فرصة جمعهم واخبارهم أي عالم جميل هم مقبلون عليه, أي مرحلة زاخرة بالروعة والتجدد والاستكشاف بدؤوا بعيشها؟ وبشكل ما مرآهم غرس في قلبي شعور محبب من سكينة وانتماء, ذات يوم اخبرت أول صديقة زارعة قوقعة لي أنني حين رأيتها للمرة الأولى شعرت بخيط من نور امتد من روحي ليرتبط بروحها مباركا تشابهنا بالاسم والوضع, وهذا نوع مما شعرت به حال رؤيتي للزارعين ذاهبين وعائدين بحقائبهم الممهورة بشعار "Cochlear” الشهير”.


يوم أول في المستشفى الجامعي, هل كان يستحق العناء؟


بالطبع فهذه أجمل برمجة مرت علي مطلقا! لكن لأكن أمينه هناك أربع برمجات أبهرتني من بين عشرات البرمجات التي خضعت لها خلال خمس سنوات, كانتالبرمجة الأولى التي أبهرتني بعد أشهر من الزراعة على يدي مهندس زائر من شركة كوكلير كان أردني الجنسية أظن بأن اسمه “أحمد”, فعلا كان هو من فتح لي أبواب الاستفادة الحقة من سماعتي, برمجته كانت غريبه ووقتها طويل لكنه أعطى كل حرف حقه وتأكد من أني اسمعه بعدها احببت القوقعة بشكل لايصدق!
البرمجة الثانية
كانت من قبل دكتورتي اللطيفة “
مريم الكندري
”, أشد ما ابهرني بها هو التمييز كان قويا جدا رغم كون الأصوات أصبحت مكتومه لكنها كانت برمجة جيدة جدا, كنت لأعطيها ممتاز لكن بسبب اكتشافي انني لا أسمع صوتي بها “وهذا ماجعلني أزعج الآخرين ازعاجا جما كوني لا اسمع صوتي فلا أتحكم بدرجته” وأيضا اكتشفت كون حرف الميم ملغيا بها, لكنها قطعيا كانت احدى أهم وأروع برمجاتي.


البرمجة الثالثة كانت عند البروفيسور الرائع “أحمد خاطر” وااااو ! وقتها عرف الجميع كم كان صوتي العالي مزيفا! فالبروفيسور عرف سريعا أمري قائلا بنظرة الخبير “أنت لاتسمعين صوتك!” نظرت له ذاهله, فكيف لا أسمع صوتي؟, ضغطة زر وانخفض صوتي درجات كثيرة! حتى أنني حينما عدت إلى المنزل وحادثت أمي اخذت تنظر لي نادمة لتخبرني “كنا ظالمينج لما نقولج قصري صوتج وطلعت السالفه جذي!” وأجل كان البروفيسور خاطر هو من اكتشف عدم سماعي لحرف الميم :)


البرمجة الرابعة والأروع على الإطلاق كانت لدى المهندس “حسن” والتي قد ذكرت قصة حياتها بإسهاب أعلاه, كانت هي البرمجة التي جعلتني اسمع كثيرا من الأحاديث التي كنت أفتقد سماعها في الاجتماعات العائلية بفضل من الله, لم أكن أطلب المستحيل, أعلم أن قوقعتي لن تكون كأذني الطبيعية تماما, لكنني طلبت أن أسمع صوتي فحصلت عليه, أن أسمع في الضوضاء فسمعت “ليس بنسبة 100% لكن بشكل كنت أظنه مستحيلا وأنا راضيه وشاكرة”.

في النهاية وكما يقال “زبدة الكلام” بعد برمجتي الأخيرة أنا أكثر سعادة:)

RAMAD*

الأرشيف

https://ramad1des.tumblr.com




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق