*RAMAD *RAMAD

الثلاثاء، 26 يوليو 2022

أول تجربة لي في غرفة عمليات زراعة القوقعة





.
.


2008 - 2009
الكويت
مستشفى زين


.


كان مخيفاً ،

أن أتخذ قراراً لا رجعة عنه، أن أغادر عالمي الغارق في عتمة الصوت، أن أخطو بكامل وعيي تجاه المجهول، المجهول مرعب "مالانعرفه يخيفنا يجعل أطرافنا ترتجف رهبةً !"

لكن .. عندما حادثاني ليقنعاني برأيهما، 

عينيهما تلمعان، يغشيهما الدمع فما يحدقان بعينيّ خشية أن اقتطف بعضاً من ألمهما، شفتيْهما ترتجفان تأثراً، يديهما تطيش بكل اتجاه تحاول إيصال كلمات مابرحت تختنق في حناجرهم.

رؤية كومة الألم التي يكتويان بجمرها أحرقتني، اتخذت قراراً لا عودة عنه، لا مفر..

رفعت رأسي، رسمت ابتسامتي الواسعة التي يحبانها واخبرتهما :"أنا موافقه".

السعادة التي اشرقت في وجهيهما قتلت كل تردد في روحي، اخبرت نفسي حينها "مادام الامر يعني سعادتهما فأنا سأتقبل كل النتائج مهما كرهتها" 


كنت خائفة .. لن اكذب واستر جبني برداء من شجاعة!

فما كنت شجاعة ذات يوم، الموعد المأمول اقترب، صار غداً، التوتر والتفاؤل يشعان من والديَّ، أما أنا فالرعب انشب براثنه فيّ، جالسة انتظر حتفي بهدوء ظاهر، اما روحي فكان يتآكلها الخوف، لطمت عقلي داخلياً وصرخت به:"اخرق! الخوف لن يمنع القدر!" ،

لملمت شتات روحي أدخلت نفسي في طور الكمون طوعاً وهدأت، شعرت بمعنى الاستسلام حينها، وكأنني خرجت من جسدي لأرقب مايحدث للفتاة التي تشبهني بلا اهتمام او مبالاة.


.


في المشفى أنا، أرتدي لباسا من لون أكرهه، مرتمية على سرير أبيض ذو عجلات، يغطيني شرشف من بياض ناصع، وتستر شعري منشفة زرقاء! 

ها أنذا استعديت لكل شيء، اعطوني "المخدر" وفجأه ... كل شيء في وسطٍ من عتمة تلاشى ....


.


النور يبهرني، افتح عيناً واحدة علّي اعرف اين أنا

ها هي والدتي، مهلا مالأمر؟، تهز رأسها، تنظر للأرض باستسلام وطبيب ذو لحية طويلة يحادثها بشيء ما وكأنه يعتذر، ذهب الطبيب فسألتها مالأمر؟ ابتسمت لي بأسى أن لاشيء، لمست رأسي، لايوجد ضماد أو جرح؟ ما المسأله! 

اوتش، شعري !!!!


.


اخبروني بعدها انهم عندما انتهوا من حلق شعري جهة أذني وصلتهم نتائج الأشعة، تلك النتائج التي اوقفت إجراءاتهم، ماكان الطبيب يخبره لأمي هو"للتو اكتشفنا أن لديها تكلسات بالقوقعة، الجهاز الذي لدينا هو ذو قطب واحد لن نستطيع زراعته، نحن آسفون"، مثلت أني حزينه لكن ،، هناك رعب ثقيل تسرب خارجاً من روحي ! 


هل انتهى الأمر؟ تمنيت ذلك!

لكن للمسألة جزء آخر بدأ باختلاف وانتهى بسعادة.


.


شذره: "الجزء من شعري الذي انزعجت لحلقه اصبح افضل من الجزء الذي لم يحلق :'( "

وهذا كان احد اعظم فوائد هذه التجربه^^


زرعت بعدها في عام 2010 ، ولهذا حكاية أخرى ..



#RAMAD*


اقرأ المزيد ... >>

لَيْتَ أَنّي أجِدُني .. لَيْت !

 


رسمتي*


---------------------------




أنا خارجي

أرقبني من بعيد ،

أبحث عن شيء فيّ يشبهني

فلا أراه ، 

يؤلمني أني أذكر اسمي

أحفظه يقيناً ، عن ظهر قلب

لكن من أنا ؟ 

لا أعرف ، نسيت ..


شيء ما يغزو روحي ! 

شيء ما، في صدري يضمحل 

ما هو ؟ 


محاولة فاشلة لتذَكُّرِ روح  

اركز أكثر 

ماهو ! 


آخ ، رأسي ينبض، 

يهدد: سأنفجر

لا تعرفي ، غير مهم 

أنتِ لازلتِ حَيّة ألا يكفي هذا ! 


أصرخ به: كلا ، لا يكفي ! 

أنا أحتاجني !

لَيْتَ أَنّي أجِدُني 


لَيْت !


----------------

كلماتي*

R A M A D*



اقرأ المزيد ... >>

الأحد، 17 يوليو 2022

عن سمعي ذات يوم ..







هدوء شديد ، سكينة مخيفة..

 هواء بارد يداعب وجهي، غرفة حالكة اقبع في زاويتها احاول جلب النعاس لعيناي، تلفتني إضاءة خضراء صادرة عن صندوق الرطوبة ابتسمت بخفوت فهناك ترقد حاستي الخامسه هناك سمعي محفوظ بأمان على شكل سماعة لطيفة بنية اللون، حالما أنتزعها من أذني يصاب الكون بصمت مرعب وهدوء غريب وتتلبسني حالة من اللامبالاة المؤلمة والارتياب الفظيع! ارتاب ان احدا ربما يناديني، ربما احترق المنزل ولم اسمع صراخهم ربما داهمنا "لص" ووالدتي تصرخ من حر مافيها ان أهرب وانا هنا في هذا الصمت اخذل الجميع وأعجز حتى عن إنقاذي .. خيالاتي عبارة عن "دراما مستمرة" واعتذر لنفسي لكنني لم اعتد هذا الصمت حتى الآن .. ببساطة يخيفني..

تطوف بي الذكريات .... اتذكر حينما استيقظت من النوم في يوم بعيد، حاولت الوقوف دون جدوى! جسدي خفيف.. يطفو .. إنه يخون إرادتي في تحريكه مهما حاولت ... ماهذا الهراء ! حاولت حتى وقفت مستعينة بالجدار ابدو للرائي وكأنني ثملة لا استطيع التوازن، أشعر أني خفيفة وثقل رأسي موجع! استعنت بالله ومضيت بترنح حتى رأتني الحنون أمي ♥ 

ذعر امي وخوف أبي المستتر يأبى إلا أن يطل من عينيه اذكر ذلك بشكل ضبابي...


فحوص واستغراب شديدين مابي؟ لا احد يملك إجابة على ذلك! لا أذكر ماذا كان تشخيص الاطباء حينها.. لكن اختفى عدم الاتزان وعدت سليمة.


بعد اسبوعين بدأت ألاحظ أذني اليسرى مذ ذلك اليوم لا أشعر بأصوات تمر عبرها أبدآ ! تبدو الأصوات وكأنها محفوظة في رأسي، استغربت لكنني لم اخبر أحدا كنت طفلة و سعيدة، فكرت بأنه ربما أمر عارض لكن سأخبر أبي لو استمر، اخبرته بعد ذلك بأسبوع أو أكثر وحينها بدأت رحلة استمرت طويلآ ......


كنت في الثانية عشر والنصف من عمري مجرد طفلة فقط، كانت حياتي حينها فقط مستشفيات مستشفيات واكثر ما فجعني كان أنني اضطررت لأخذ امتحانات منتصف العام مؤجل! من سيأتي بالامتياز لي ! كنت مرتعبة حقآ! جسدي في المشفى وعقلي وقلبي يفكران بمدرستي! وامي وأبي مذعوران مابي ! وهل سمعي ذهب للأبد ؟ وهذا ماكان فقد اصبحت بنصف سمع في أذن واحدة والأخرى اصبحت لا تصلح إلا للزينه وكحاملة مجوهرات فقط ! كان والدي مفجوعين داخليا علي، كانا يصمتان كثيرآ ويحاولان التماسك أمامي .. لكن أعينهم تتحدث، كانا معذبين بعمق لأجلي، يفكران هل حقآ مستقبلي بات مجهول الهوية؟ 

اعلم أن أكثر ما آلم أبي أن الدكتور اخبره بعلاج "الاكسجين عالي الضغط" كان ربما قد ينفع لو أنني أتيت أبكر بإسبوع ! كان يلوم نفسه ذاتيآ رغم أنها مشيئة الله ومابيده حيلة أن يغيرها ولو حاول. 


بعد ذلك تقلصت مراجعاتنا الطبية إلى النصف وأصبحت كشوف اسبوعية وبما أن القليل المتبقي من سمعي صار إلى نزول نصحوني بارتداء سماعة، ارتديت واحدة واكملت حياتي المدرسية بسعادة لا لست كاذبه حسنآ لم أكن سعيدة بشكل مستمر، كانت هنالك مواقف تحصل لي .... كيف أصفها؟ حسنآ سأعترف لأول مرة في حياتي .. حسنآ ! كم أن الاعتراف بذلك صعب !! كانت تلك المواقف تجعلني ادفن وجهي في وسادتي لأكتم شهقاتي كنت أبكي حتى الإنهاك ثم ابرمج عقلي على أني سعيدة دومآ وأبدآ وحتى الموت وحينها استطيع النوم براحة وبجرعة مضاعفة من الثقة بالذات، اعترف أن المواقف المحدثة لردة الفعل السابقة حدثت لكنها قليلة، و يالله إنها مدرسة مراهقات! ماذا نتوقع أكثر؟


اوه نسيت إخباركم بأنني قد حصلت على امتياز يضاف إلى لائحتي بعد خضوعي لامتحاناتي المؤجله، لك الحمد يالله. استمرت حياتي بروتين عادي مع تقليص في أنشطتي المدرسية كنت أخشى أن يطلب مني شيئآ في اللحظة الأخيرة قبل تقديم الإذاعة مثلا ثم لا أسمعهم فأخذلهم وأحرج نفسي، جبانة أنا، اعترف والأشد احساسآ بالعار أني تركت دار القرآن متنفس روحي الأزلي وواحة أنشطتي الاجتماعية، لماذا تركتها؟ لأنني حينما أُسَمع الآيات للمعلمة لا أستطيع أن أَسْمع إلا صوتي مهما كان خافتآ لا أستطيع سماع صوتها وهي تصحح أخطائي التجويدية، كنت أشعر بالضغط الشديد حينها، أذهب للمدرسة وأبقي عيناي مفتوحتان واعصابي متقدة مستعره أخشى أن يناديني أحد فلا أسمعه ! يالله .كم كان ذلك مرهقاً .. لكنني كنت سعيدة وأشعر أني جد مميزة، أن الله اختارني من بين ملايين الناس كي يأخذ سمعي ويعطيني كل مواهبي الأخرى. 

لِمَ ينتابني احساس النقصان وأنا مميزة، مختلفة وغير عادية؟ كلا لاينتابني النقصان لأجل صممي أبدآ، أنا  أكره أن أكون عادية، العادية مؤلمة وغالبآ مذلة تجعلنا مهمشين نسخ متشابهة تقبع في الصفوف الخلفية ! 

صممي يمنحني فرصة أخرى لمحاربة عاديتي ! 

أذكر أن إحدى الطبيبات سألتني ماذا أفعل بحياتي؟ أخبرتها أني لا زلت طالبة لم أتخرج بعد، كانت علامات الصدمة واضحة على وجهها في مدرسة خاصة؟ سألَت، لا بل في مدرسة عامة، أجبت. قالت حينها ماشاء الله، هل تعلمين بأن الكثير ما إن يعرف أنه فقط سمعه حتى يترك المدرسة أو الوظيفة وكل شيء !


اوووه أعتقد أن في كلامها بعض المبالغة صحيح؟ 

تقرر أن أقوم بعملية زراعة قوقعه لأن سمعي أصبح شحيح جدآ، خضعت لها ولم تكن خطيرة كما توقعت بل كانت بسيطة وسريعآ ماخرجت من المشفى، لن أذكر تفاصيل ها هنا فلا شيء مميز حدث بعد ذلك، فقط اصبحت اسمع افضل وأقرب لدرجة سمعي حينما كنت سليمة وأصبحت أحاول الإمساك بزمام حياتي بشكل جيد وممارسة أنشطتي التي تركتها خجلآ وجبنآ !

اعتاد والداي كوني صماء رغم أني ألمح في مقلهم أحيانآ حزنآ علي لكن، أعلم أنهم يسعدهم كوني أحب ذاتي ولا أبدل حياتي بحياة أخرى ولو حتى لشخص سليم.

تنتابني احراجات اجتماعية بين حين وآخر لكنني أقول بثقة: "عذرآ حدث ذلك لأنه لدي مشاكل سمعية ولم أسمع ماقلتموه".

واكتشفت أن الناس يحبون المساعدة حقآ عندما نتيح لهم المجال. 


مستمرة بحياتي أنا لأنني أعلم أنني سأكون شيئآ عظيمآ ذات يوم وإن لم يحن الوقت بعد. 

أعلم أني سأكون قدوة لشخص أصم يرى حياتي فيعلم أنه لم يفقد كل شيء بل فقد سمعآ فحسب. 


ثم أنني أنظر للنصف الممتلئ من الكأس، كوني صماء يعني :


*أني أعيش بعالم من الصمت والعزلة التي تتناسب مع روحي، متى أردت ولست مقيدة بمكان ولا بزمان.


*أني أعيش بسلام داخلي فالصمت وإن كان موجعآ يجعلني أعرف ذاتي، مواطن ضعفي ومكامن قوتي.

 

*أني أنام بهدوء لذيذ وإن كان حولي حروب وكوارث.


هذا بعض من فيض من الحسنات والجوانب الإيجابية لكوني لا أسمع. هل فهمت يا هذا؟ هل وعيت؟ كل مايؤلمني بكوني صماء هو الشفقة التي قد يمنحني إياها دون وجه حق من يعرف بأني لا أسمع للتو الشفقة التي يوجهها نحوي على شكل نظرة تصيب شغاف قلبي وتمزق روحي ثم تجعلني أقوم بأي رد فعل يجعله يغير تلك النظرة بسرعة البرق إلى إعجاب أو خوف، أجل خوف، فأنا وبغض النظر عن مايقوله معارفي أستطيع أن أكون مرعبة عندما أريد خاصة حينما يوجه لي أحد شفقة لكوني صماء ! 


ثم أنه يسكنني قول درويش: 

" وبي أمل يأتي ويذهب ولكن لن أودعه! "

أمل عظيم بالخالق، ثم بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، و.... أجل لن أودعه (أملي).


RAMAD*

2010



*تحديث*

إنه مقال أو بالأحرى "ذكرى" قديمة .. كتبتها قبل إثنا عشر عاما في بداية زراعتي للقوقعة حينما طلب مني أن أكتب شيئاً عن سمعي ، صادفتها اليوم بين ملفاتي القديمة ثم هاضت بي الذكريات .. يالله كم تبدو تلك الأيام بعيدة خالية من السوء .. حاولت أن اتذكر مالذي كان يبكيني حتى اكتم شهقاتي وابكي بهذا العنف؟ اتذكر بكائي لكني لا اتذكر الأسباب حتى ..مضحك حقاً... وربما درس لنفسي التي صرتها اليوم .. الوقت كفيل بالنسيان ..

2022

اقرأ المزيد ... >>

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2019

أول لقاء مع إحدى أطفال القوقعة .. "روان" ..








2013 
الكويت، حديقة مشرف ..



استقبلتني بابتسامة مشعه، تصرخ بحماس: انتي تلبسين سماعه !! 

ضمت يديها بترقب ، وتراءى لي أن عينيها اصبحت كقلوب صغيره، 
ابتسمت لها مشجعه: إي روونه البس نفس سماعتج.
قفزت في مكانها تصفّق يديها بحماسه: والله والله.
ابتسمت بلطف: والله.
قالت بجرأة محببه: وريني اياها ! 
رددت مستنكره: وييي شلون انزع حجابي هني !
أثرت بي خيبة الأمل التي امتلأ بها وجهها الصغير ، طرأ لي خاطر سريع فأردفت: عطيني ايدج، رمقتني باستغراب واعطتني اياها بصمت، امسكتها بلطف ووضعتها على أذني لتستطيع لمس النتوء البارز من خلف الحجاب، 
رمقتني بعجب ثم صاحت بفرح: سماعه، اي والله ! 

قهقهت بسعاده لردة فعلها الحماسية تلك، تحدثنا قليلا، 
ثم سألتها برويّه: روونه شنو تبين تصيرين ؟  

حَدّقْتُ بذهول بعينيها الواسعتين وهما تلتمعان بتحدي، رفعت وجهها الصغير بثقه ثم ردت بصوت واثقٍ ذا قدره: "أبي أصير أبلة تخاطب". 

ابتسمت حينها بتأمل، الثقة التي بدت عليها تُحطم كل شك قد يخالج نفسك بأنها لن تحقق ماتريد، تساءلت لمَ اختارت مجالا يرى الآخرون حتما بأنها لن تصلح له؟ كل جلسات التخاطب التي تذهب إليها صباحا ومساء ألم تجعلها تكره كلمة التخاطب حتى؟ تعديل الآخرين لاخطاء نطقها بقسوه، ألم يحطم ثقتها ومقدرتها على النطق السليم ؟ بعد لقائي بها ذلك اليوم كان جوابها لسؤالي مادة دسمة أفكر بها طوال الليل لأحصل على جواب لتساؤلاتي، ثم عصف بعقلي الجواب الواضح كالبرق في ظلمة الليل، ذكرى عينيها المتحديتين لهجتها الواثقه اخبرتني بأنها ليست عاديه ! إنها ذاك النوع الفريد من اللأشخاص الذي يحول مأساته لقصة متميزة، ذاك النوع الذي يصنع حياته ضد كل اعتقادات الآخرين الفانيه، النوع الذي يصنع من الصعوبة في حياته متعه ويستجيب لنداء داخلي بأن يصبح كل مالا يتوقعه الآخرون منه ! جسدها الضئيل.. يضللك... تظنها ضعيفة عاجزه، فإذا هي تبهرك بقوة وثقة لا مثيل لهما، ابتسمت لنفسي وانا اتذكر عينيها الناعستين وهما يلتمعان ببرق من ثقه وعاصفة من تحدي، تمتمت لنفسي ببطء: "أعجوبة كمثلها ستكون كما أرادت ، لاشك بذلك مطلقاً" 



#RAMAD*
عن روان إحدى معجزات القوقعة.






.
اقرأ المزيد ... >>

الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

برمجة إضافية وصوت أعذب ..




برمجة إضافية وصوت أعذب ..







ضوضاء، أصوات متداخلة، أطفال يركضون يمنة ويسرة، هذا يبكي موجوعا وبقية الأطفال يبكون معه لمجرد مؤازرته ، صداع مقلق نتيجة لذلك المشهد وتشتت انتباه هائل "اظن بأنكم جميعا عايشتموه لمرة إسبوعيا على الأقل" هذا يوم اجتماع العائلة العظيم ياسادة =)
أفرق بمشقة بين طفلين يتنازعان دمية مسكينة ثم ألتف لأجد شقيقي ينظر لي مشدوها وهو يتهامس مع شقيقتي بكلمات سريعة فتهز رأسها تأييدا لكلامه..

: رماااد !!! شفيك؟ صايره ماتسمعين ابد!! لي ساعه اصيح اناديك..
: ومن بيسمع وسط هالحفله؟ بس فعلا صايره ماسمع ملاحظة هالشي =)
: طيب احجزي موعد، تراك صايره ماتسمعين بزيادة.

ثم ونتيجة لهذا الحديث الصادق بشكل محبط وبعد محاولات اقناع حثيثة قمت بحجز موعد برمجة مع البروفيسور احمد خاطر، لم أكن أملك أدنى رغبة بالبرمجة هذه المرة، اعتقد أن آخر برمجة قمت بها ربما قبل عام او عام ونصف لا أذكر في الحقيقة، لكن الحماس الذي اشعر به قبيل كل برمجة لم يعد موجودا، بت أتمنى أحيانا لو أنها برمجة واحدة وينتهي الأمر عوضا عن سلسلة لانهائية من البرمجات.
ربما هو الملل أو مشاغل الحياة أو ببساطة أنه لم يعد ثمة شيء مبهر ، فقط تحسينات بسيطة هنا وهناك فحص روتيني لعمل الإلكترودات، في الماضي كنت بعد كل برمجة أشهد تحسن ملموسا، مثل أن أسمع صوتا دقيقا جديدا كصوت عقارب الساعة، او قطرات الماء الهادئة، أحيانا أستطيع السماع في الضوضاء فأنبهر.. كان مسليا ومدهشا عيشي لتلك التجارب من جديد لكنها الآن ولله الحمد باتت روتينا عاديا لم تعد مبهرة بحكم الاعتياد عليها نتيجة وصولي للصوت الطبيعي، لم اعد اتشوق للبرمجة أبدا لذا لم أكن شغوفة للنتيجة هذه المرة.




8  اكتوبر


الساعة الثالثة عصرا كنت ارتدي عباءتي وجاهزة تماما، ضحكت بسخرية من التي لم تكن متحمسة؟ العادات القديمة يصعب التخلص منها، حقا لم أنا جاهزة قبل الموعد بساعة؟ =(

.....

أكثر ما يميز البروفيسور أحمد خاطر أنه طويل البال بشوش الوجه، يعطيك الوقت الكامل لقول ما تريد قوله ويحاول فهمه حقا دون أدنى علامة استعجال قد تبدر منه، وهذا الطبع نادر لدى أغلب الأطباء رغم أهميته، استمع لملاحظاتي على البرمجة وشكواي إزاء العزل الصوتي، اخبرته كم يبدو مستفزا أن اتحدث مع أحدهم فيذهب صوته بعيدا ثم يعود ربما لن يفهم الجميع هاته النقطة لكنه سمح لي أن اسهب بشرحها وفهمها، شكوت التمييز وأنه اصبح ضعيفا جدا، لم تكن لدي مشكلة في سماع أدق الأصوات واخفضها لكنني كنت أجاهد كي أفهم صوتين حين يتداخلان أسمعهم لكن لا أفهم ماهيتهم "ليس دوما إنما أحيانا"، جرب بضع برمجات إلى أن وصل لشيء يعجبني ثم وضع لي برنامجان كما المعتاد أحدهم بعزل لأماكن الضوضاء والآخر دون عزل.. طلب مني أن اجرب البرمجة ثم أعود خلال أيام إذا رأيت أنني أحتاج تعديلا معين بها.

.....

في الحقيقة لدي شقيقان لديهما الصوت نفسه وطريقة الكلام ذاتها لا أحد يستطيع تمييز من منهما يتحدث من خلال الصوت فقط، وصوتهما صعب علي جدا ،، لذا كان مدهشا لي أن لا أطلب من شقيقي تكرار أي كلمة قالها خلال طريق العودة إلى المنزل وذلك ببساطة لأن صوته اصبح أكثر سلاسة وصفاء.

.....

دوما أقول أن مبرمجي شركة كوكلير هم أعظم وأفضل المبرمجين بلا منازع جربت بضع برمجات في المستشفيات لكن لم ترقى أي برمجة لمستوى عمل مهندسين كوكلير، وأقول ربما للمرة الألف لا تصل أي برمجة لمستوى جودة برمجتهم سوى برمجة الدكتور أحمد خاطر، كنز للزارعين هم بحق.



RAMAD*




اقرأ المزيد ... >>

يوم أول في المستشفى الجامعي =)

يوم أول في المستشفى الجامعي! 


أغسطس، 2015


ظهيرة يوم صيفي قائظ,
-          اوتش حر! اخبرت ابي والشمس تنصب محرقة علي, نظر لي بلطف “مقرعا”
اخذت اقوم بتعديل جهاز التكييف الذي لا فائدة منه في سيارة غير مظللة كهذه بينما راح ابي يقوم بضبط اعدادات “جوجل ماب” كي نصل الى وجهتنا سالمين, وصلنا مبكرين عن موعدنا المفترض بساعة بعد أن ضعنا في شوارع الرياض قليلا وهذا يرجع إلى عادة أبي  التي تجعلنا نخرج  مبكرين بساعة ونصف عن أي موعد احتراسا لحدوث طارئ كازدحام السير أو ضياعنا “كما يحدث عادة”, اعلمناهم بوجودنا ثم جلسنا ننتظر وننتظر, ربع ساعة… نصف …. سحبت قلمي الإلكتروني واخذت ارسم “سيكون نهارا طويلا” فكرت.

ساعة مرت, ساعتان, ثم حان دخولنا, تثاءب أبي “الحمد لله” واشار لي بسرعه, ذهبت إلى العيادة ركضا تقريبا, المهندس الذي لاقيته لأول مرة يبدوا لطيفا وهذا مهم جدا ومطمئن، فمن يرغب أن يعالج عند شخصٍ بغيضٍ عبوسٍ وان كان “تشيخوف” زمانه!
-          “تفضلي” كلمني المهندس <والذي عرفت بأن اسمه حسن> مشيرا إلى كابين عازل للصوت والذي بالمناسبة أسميه “كابين  الرعب” لأنه …. حسنا سأشرح السبب في النهاية!
جلست وتم اغلاق الباب علي فأصبحت في صمت دامس إلا صوت أنفاسي المتتالية، أشار لي من خلف الزجاج فهززت رأسي اتمتم لنفسي بأسى “نعم أعرف ما سأفعل” دقيقة و <هوبا> بدأ الأمر! كان علي أن أرفع يدي كلما سمعت صوتا, استمر الأمر دقيقة ربما ثم انتهى, أُشير لي أن أخرج فخرجت مسرعة مستبشرة بخلاصي.

تبعت أبي والمهندس إلى غرفة أخرى هنا يبدأ الجزء الأسهل لكن المحيّر أيضا, شغل المهندس جهاز اللابتوب وطلب مني سماعتي مددتها له, أمسكها ونظرة ذهول تطل من عينيه, اخذ وقتا وهو يفك اللاصق الذي كنت قد دثرت سماعتي به “كانت كميته كبيرة على فكره” بالطبع أثناء هذا كنت صامتة نظرا لأن سماعتي معه وبالتالي فأنا لا أسمع “أصمت دونها رأفة بحال البشرية فصوتي دونها عالياً بشكل مفجع” , نظرت إلى أبي فرأيته يشرح للمهندس سبب هذا اللاصق وضحكة لطيفة تطل من عينيه فابتسمت لطرافة المنظر واللاصق ينفلت من السماعة ليلتصق بسطح الطاولة ويعيث في الغرفة فسادا!, لأشرح لكم كي تكونوا على بينة, سماعتي كانت قد سقطت من رأسي ذات يوم فشرخ الجزء التحتي منها “البي تي” واصبح يلزمه لاصق كي يعمل وكي لايمتد الشرخ ويتطاول, الجزء العلوي من السماعة “البروسيسر” لا يلتصق بالجزء السفلي دون شيء يثبته وهذه حكاية اللاصق الحزينة كلها :)

بعد تركيب سماعتي بجهاز الكومبيوتر تم عمل اختبار غريب لي اخبرني بأنه اختبارا للعصب السمعي بعد الانتهاء منه وبدء البرمجة طلبت منه أن يحتفظ بالبرنامج الذي استخدمه عادة دون المساس به “لأطمئن نفسيا فقط تحسباً لو أن برمجته سيئة وهذا ماتم تفنيده في النهاية” فابتسم واخبرني أن هذه آلية عمله, بدأ يعلي الأصوات ويسألني هكذا جيد؟ كنت أخبره برأيي في الصوت أطلب منه أن يعليه تارةً أو يخفضه تارة واخبره لو شعرت أن الصوت كان مكتوماً وبالطبع كنت اطلب من والدي أن يتحدث حتى أقرر استحساني للصوت من عدمه, عندما وصلنا لنتيجة جيدة أخبرته أن يتوقف فاقترح علي أن يقوم برفع الصوت لمرة أخيره؟ بعد أن قام برفعه شعرت, كيف أصف ماشعرت به؟ كان شيئاً غريبا مع كل صوت وكأن طبلة أذني تهتز, كأنما شيئا ما يخترقها, “مارأيك؟” جازفت وقلت جيد ! لكن لأشعر بالأمان أكثر طلبت منه أن يقوم بحفظ برنامج آخر لنفس البرمجة لكن بصوت أخفض فابتسم وقال لي أن هذا ما يقوم بفعله أصلا, وهكذا تقريبا انتهينا, طرقة على الباب اضطرت المهندس أن يخرج فهمس لي أبي قلقا “شلون بتردين تركبين السماعة والتّيب شالوه!” فاأخبرته ضاحكة وأنا أربت على حقيبتي “لاتخاف جايبه تيب كامل احتياط” وخلال قهقته عاد المهندس ليفصل سماعتي عن جهاز الكمبيوتر ثم أعطاني إياها وهو ينظر قلقا  إلى اللاصق الذي لازال ملتصق بالطاولة, شغلت السماعة قبل أن اخرج اللاصق من حقيبتي وياللعجب ! لقد اشتغلت وإن كنت أظنها لفترة قليلة فحسب!! حمدت الله وسرت إلى كابين الرعب مرة أخرى ليعيد لي نفس الاختبار ويقارن بين النتيجتين لقياس مدى التحسن في البرمجة وكانت النتيجة مذهله والحمد لله, صافح أبي مودعا وخرجنا أنا وأبي فرحين حتى أننا نسينا شمس الظهيرة وانتظارنا ومسيرة الألف ميل بين المشفى وسيارتنا! أثناء سيرنا عفوا اصطلاؤنا في الشمس الرائعة:) كانت ضوضاء المراجعين المنعشه , ماذا؟ منعشه!! أجل بدت لي هكذا بعد البرمجة بل وشديدة العذوبة والجمال حتى ! كان أبي يسير أمامي على بعد لابأس به, حادثني وسمعته ! حتى أنا لا أصدق هذا لكنني فعلا سمعته! وسط صوت الهواء القوي وضوضاء السيارات والناس, ولم أكن أرى وجهه أيضا لكنني سمعته ! بالطبع وددت لو أنني خررت ساجدة شكرا لله وسط الجموع ونهضت صائحة أبشرهم أني أسمع بشكل مختلف, لكنني اكتفيت بأن صحت بهجة في داخل عقلي فحسب و اكملت خطواتي المسرورة نحو السيارة التي لازالت تبدوا بعيدة جدا.

 
     *“كابين الرعب" 

هوالسوء المتجلي لي منذ ثمان سنوات تقريبا <منذ بدأت بفقد سمعي> أولا لأن الهدوء الشديد في الكابين  يبعث فيك أحد شعورين إما أن يخيفك الصمت أو يغلبك النعاس!
أما ثانيا وبعيدا عن الصمت المخيف الذي يجعل صوت أنفاسك يبدو اعلى بديسبلات كثيرة فإنك وحالما يبدأ الاختبار يبدأ عقلك بتقليد الأصوات التي من المفترض ان تضغط على الزر حال سماعها وتبدأ حالة من الحيرة المبكية والتساؤل الشديد هل هذا الصوت من عقلي؟ هل هذا الصوت منبعث من الجهاز؟ أنا لاأظن مطلقا أنني قد خرجت من الاختبار بنتيجة دقيقة أبدا! وطوال الاختبار وأنا ارزح تحت ضغط نفسي هائل! “سألت صديقاتي فكان شعورهن مماثلا لشعوري” فما قصة الأصوات العقلية الباطنية ياترى؟

*“شاهدت عددا من المرضى يستلمون سماعاتهم للمرة الأولى وكنت سعيدة بمرآهم ووددت لو أتيحت لي فرصة جمعهم واخبارهم أي عالم جميل هم مقبلون عليه, أي مرحلة زاخرة بالروعة والتجدد والاستكشاف بدؤوا بعيشها؟ وبشكل ما مرآهم غرس في قلبي شعور محبب من سكينة وانتماء, ذات يوم اخبرت أول صديقة زارعة قوقعة لي أنني حين رأيتها للمرة الأولى شعرت بخيط من نور امتد من روحي ليرتبط بروحها مباركا تشابهنا بالاسم والوضع, وهذا نوع مما شعرت به حال رؤيتي للزارعين ذاهبين وعائدين بحقائبهم الممهورة بشعار "Cochlear” الشهير”.


يوم أول في المستشفى الجامعي, هل كان يستحق العناء؟


بالطبع فهذه أجمل برمجة مرت علي مطلقا! لكن لأكن أمينه هناك أربع برمجات أبهرتني من بين عشرات البرمجات التي خضعت لها خلال خمس سنوات, كانتالبرمجة الأولى التي أبهرتني بعد أشهر من الزراعة على يدي مهندس زائر من شركة كوكلير كان أردني الجنسية أظن بأن اسمه “أحمد”, فعلا كان هو من فتح لي أبواب الاستفادة الحقة من سماعتي, برمجته كانت غريبه ووقتها طويل لكنه أعطى كل حرف حقه وتأكد من أني اسمعه بعدها احببت القوقعة بشكل لايصدق!
البرمجة الثانية
كانت من قبل دكتورتي اللطيفة “
مريم الكندري
”, أشد ما ابهرني بها هو التمييز كان قويا جدا رغم كون الأصوات أصبحت مكتومه لكنها كانت برمجة جيدة جدا, كنت لأعطيها ممتاز لكن بسبب اكتشافي انني لا أسمع صوتي بها “وهذا ماجعلني أزعج الآخرين ازعاجا جما كوني لا اسمع صوتي فلا أتحكم بدرجته” وأيضا اكتشفت كون حرف الميم ملغيا بها, لكنها قطعيا كانت احدى أهم وأروع برمجاتي.


البرمجة الثالثة كانت عند البروفيسور الرائع “أحمد خاطر” وااااو ! وقتها عرف الجميع كم كان صوتي العالي مزيفا! فالبروفيسور عرف سريعا أمري قائلا بنظرة الخبير “أنت لاتسمعين صوتك!” نظرت له ذاهله, فكيف لا أسمع صوتي؟, ضغطة زر وانخفض صوتي درجات كثيرة! حتى أنني حينما عدت إلى المنزل وحادثت أمي اخذت تنظر لي نادمة لتخبرني “كنا ظالمينج لما نقولج قصري صوتج وطلعت السالفه جذي!” وأجل كان البروفيسور خاطر هو من اكتشف عدم سماعي لحرف الميم :)


البرمجة الرابعة والأروع على الإطلاق كانت لدى المهندس “حسن” والتي قد ذكرت قصة حياتها بإسهاب أعلاه, كانت هي البرمجة التي جعلتني اسمع كثيرا من الأحاديث التي كنت أفتقد سماعها في الاجتماعات العائلية بفضل من الله, لم أكن أطلب المستحيل, أعلم أن قوقعتي لن تكون كأذني الطبيعية تماما, لكنني طلبت أن أسمع صوتي فحصلت عليه, أن أسمع في الضوضاء فسمعت “ليس بنسبة 100% لكن بشكل كنت أظنه مستحيلا وأنا راضيه وشاكرة”.

في النهاية وكما يقال “زبدة الكلام” بعد برمجتي الأخيرة أنا أكثر سعادة:)

RAMAD*

الأرشيف

https://ramad1des.tumblr.com




اقرأ المزيد ... >>

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

لن أبقيك في عالمٍ ساكن، ملتف بالصمت .. "قصة قصيرة"






.





.


مستلق أمامي بوهن
وجهٌ شاحب، عينانِ مرهقتان، رأسٌ معصوب بضمادة بيضاء، شفتان مشدودتان كخيط رفيع تعبيرا عن ألم ما..

قلي لي ياطفلي، هل كان بإمكاني امتصاص وجعك الذي يُغرس في جوفي مرة تلو مرة مع كل نظرة ألقيها إليك؟ 
هل كان بامكاني تفادي أن اجعلك تخضع لمبضع الجرّاح الذي يَغْرُزُ في جلدك جرحاً دون رحمه؟ هل كان بامكاني تفادي جعلهم يقومون بحفر جمجمتك الهشّه؟  
عمران يابني، أعلم مقدار ألمك تماماً كما أعلم مقدار ألمي الغائر عميقاً في الروح ، ولكني أعلم أيضا أنك ماكنت لتحب البديل، ماكنت لتحب أن تبقى في عالمٍ ساكن، ملتف بالصمت، عالم هادئٍ حتى الرعب الذي ينخر روحك الغضة ! عالم مرئي فحسب، يراك الكل به عاجزا مهما كنت تمتلك من قدرة، عالم مغمور بالأسى والصمت ! 
لذا اخترت أن اجازف لأجلك ولأجلك فحسب ، كي تكبر في العمر تسمع اصواتا غنّاء، صوتي، صوت والدك، قهقهة شقيقاتك النابعة من القلب، طرق خطاك على الأرض، صوت الماء يتساقط بين يديك بعذوبة، صوت تقليبك لصفحات كتاب، ضوضاء في الشارع تغمر أذنيك، عالم مرئي مسموع، عالم تسمع به أصواتا تزيدك عشقا لعمرك وحياتك ♡ 
عمران يابني أشف لأجلي، سريعا ، بل وسريعا جدا كي لايسيطر عليّ المزيد من الألم لمرآك متوجعا أكثر من هذا، كي لا أفقد حماسي الباذخ لمرآك تتفاعل مع صوتٍ غريب، فأبكي حينها فرحا واطمئن بأن حياتك أصبحت آمنة بشكل ما

عمران يابني إني خائفة، تسكن حلقي غصة، واجد صعوبة في اخبارك كم ستعاني في المرحلة القادمة، مرحلة استلام السماعة، أن تعتاد على المغناطيس المتشبث بجلدة رأسك حتى تحمَرّ، جلسات تأهيل سمعيٍ مكثفة صباحا، جلسات تخاطب مكثفةٍ مساء، اصواتا وذبذبات كهربائية تشعل رأسك بألم ! ستكون مرحلة مرهقة لي ولك ولأبيك، مملوءة بالخوف والترقب والتيه، 
ولكنها تستحق ،، في سبيل أن تسمع جيداً، أن تكون طفلا سعيدا كسِواك 💕

عمران يابني، طبت لي وشفيت، ورضيت مستقبلا عن قرار اتخذته أنا بصعوبة عنك ولازلت خائفة أن أكون ظلمتك به !

.
.
.
.

من أرشيف كتاباتي 

#RAMAD*
31/8/2014

فقط .. مجرد قصة قصيرة مستوحاه من عمران .... ابن صديقتي اللطيف💜


.
اقرأ المزيد ... >>

السبت، 21 سبتمبر 2019

زراعة القوقعة سؤال مختص و جواب خبير





ولأن شؤون الحياة لاتدع للمرء متفرغ كان هذا الانقطاع الطويل، فعذرا.. كما أنه لا مجال للشكوى هنا لذا فلنبدأ .. نحن كوننا في "قروب" الفتيات الخاص بالزارعات نقبل اسئلة الطالبات والاخصائيات المهتمين بمعرفة أشياء معينة عن وضعنا المجتمعي فهذه المرة رغبت بشدة أن أشارككم بعض الأسئلة التي قامت بطرحها إحدى الطالبات، ربما تشعركم بالتفهم أو المشاركة أو لمجرد إرضاء الفضول.. هيا لنتفهم =)..

.
.

كان السؤال الأول المطروح كالتالي:

ما هو تأثير وسائل التواصل الكتابية والمجموعات (واتساب وما شابه) على نمط الحياة الخاص بكم؟ هل زادت من التواصل الاجتماعي؟ أم كان لها تأثير آخر؟

لتأتينا الإجابة من أمل " عن نفسي انا قبل لا اسوي القوقعة ماكنت اسمع عدل فكانت المسجات تنفعني حيل بأني اتواصل مع الناس بدال الاتصالات وهم بعد زراعة القوقعة بأماكن الازعاج بدال الاتصال والشوشره اللي تصير الافضل يكون مسج."

أما تهاني فكان جوابها " أنا زارعه قوقعتين ، فقدت السمع وانا كبيره ولدت اسمع الحمدلله ، طبعاً في الفترة اللي كنت فاقده السمع كنت افضل التواصل عن طريق الواتساب اكثر شي وتقريباً شبه منعزلة عن العالم الخارجي ما احب الخرجات كثير."

" اول شي قبل ازرع كنت عادي اسمع بسماعه وارد ع مكالمات الجوال وادق ع السايق واهلي معً مرور الوقت صار شوي صعوبة صرت افهم ع الوالدة فقط وبعدها ما قدرت اسمع لان تدريجي قام يروح سمعي وقررت ازرع وبعد الزراعة رجعت اكلم واحاول افهم بدون ما ألاحظ  بالشفايف واذا تكرر وما فهمت اطالع الشفايف طبعا هذا قالو شي طبيعي لاني توي زارعة" هذا ماقالته أبرار ردا على ذات السؤال.

وعن تأثير المجموعات الإيجابي تتحدث إرم فتقول" تأثير القروبات إيجابي، لان من خلال تلك القروبات نتبادل مواقفنا اليومية من ناحية حياتنا خاصة كزارعين قوقعة و ضعيفين سمع ، من فترة قبل و بعد الزراعة ، و اكيد نستفيد من البعض... و لا نشعر باننا وحيدين نعاني من تلك الأمور"

أما أم عبدالله الزارعة حديثا كان رأيها " بالنسبة لي فقدت السمع وانا كبيره في عمر ١٧ سنه كان ايام التلفون ابتعدوا عني صديقاتي لانهم يتصلون والوالدة ترد  مو مصدقين ولا فاهمين وضعي شوي شوي افترقنا وطلعت جوال وارسل رسائل نصيه فرحت فيها جدا بعدها طلع الواتس صرت اعرف اخبار كثيره عن العائلة."

وعن ذات الموضوع تبدي رماد رأيها =) " بالنسبة لي هي تحل محل التواصل الصوتي واسهل لي بالتعامل رغم انها اقل طرق التواصل تفضيلا، ممكن الجملة العادية البسيطة تقرأ حسب الحالة المزاجية للمتلقي والكلمة المكتوبة بحسن نيه تقرأ خارج سياقها وهالشي متوقع كون المغزى من الكلام يصل عبر اللهجة والكلمة وتعابير الوجه والسياق العام ،، كلها اشياء متكاملة لكنها مفقودة بالتواصل الكتابي للأسف، يفيد وضعنا أكيد لكن استفادة محدودة."


كان السؤال الآخر المطروح:

بعد زراعة القوقعة - هل أصبح هناك تغيير في نمط الحياة ؟ أو تأثير على الحياة الاجتماعية؟

سابقت أمل إلى القول " اكيد القوقعة لها تأثير ايجابي كبييير فأنا قبل القوقعة كنت انطوائية شوي وماطلع اماكن تجمعات او امشي بأموري الا مع اهلي واحد يتكلم عني , بعد القوقعة الحمدلله تغير ١٨٠ درجه واطلع بدون احد واتعامل مع الناس".

وتحدثت تهاني عن تجربتها " بعد الزارعة نعم حصل فرق كبير عن قبل من ناحيه التواصل مع الناس و الاتصال و كل شي تغير صرت احب الاجتماعات كثير واندمجت مع العالم الخارجي الحمد لله اشوف انه تغيير ونقله نوعيه كبيره بحياتي ."

أما أبرار فقالت " بعد الزراعة فرقت كثير بالأصوات وصرت شجاعة وواثقة عكس بسماعه ماكنت واثقه والحين صرت اي احد يسجل صوتي افتحه واحاول افهمه". وجاء رأي إرم مؤكدا لرأيها " نعم صار التغير و بشكل إيجابي ، من ناحية حياتي الاجتماعية و المهنية"

 تقول أم عبدالله" اثناء الاجتماعات العائلية اختي تفهمني وارد عليهم وصارت مواقف كثيره ما أنساها طبعا اغلبها تهميش وبعد الزراعة احس رجعت الثقة بنفسي وكل هذا بفضل ربي سبحانه ولكني ما زلت في بداية الطريق واحتاج تركيز  واحب اتعامل مع الناس اللبقة والذوق والي تفهم مع مين تتحدث".

- بما اني كنت اسمع طبيعي ثم ضعف سمعي ثم زرعت يعني مريت بثلاث مراحل وكلها اثرت بشكل مختلف على نمط حياتي الاجتماعي، مرحلة الصوت الطبيعي كان الوضع ممتاز وحياتي الاجتماعية كانت جدا جدا فعاله من ناحية التطوع الجرأة العلاقات الاجتماعية،، مرحله ضعف السمع كانت صعبه، انقطاع تام ومفاجئ للعلاقات، تذبذب بالثقة احيانا ، تردد في الكلام بسبب عدم فهم السياق الكلامي العام، الاعتماد على الاخرين في انجاز المعاملات والامور التي تحتاج تواصل مع الاخرين ، مرحله الزراعة،، استعادة الثقة والجرأة تدريجيا مع التحسن التدريجي بالسمع، محاولات لاستعادة السيطرة على الحياة والتخلي عن الاعتماد عن الاخرين في 75% من امور الحياة." هذا ما كان عليه رأي رماد.


3: مجتمعاتنا مغلقة وقريبة نوعا ما .. هل تظنون ان طبيعة مجتمعنا مقارنة بالمجتمعات الاخرى لها أفضلية أم تشكل سلبية؟ / شنو تحسون ايجابيات وسلبيات مجتمعاتنا؟ وشلون تختلف عن اماكن ثانية..
على سبيل المثال/ عندنا وايد زوارات وجمعات.. على عكس الأجانب أغلبهم يحاتون العزلة الاجتماعية لأصحاب المشاكل السمعية..

ليأتي ردي" الجمعات بذاتها ممكن تكون مشكله لضعيف السمع يعني ممكن تسبب قلق واكتئاب وحساسيه ورهاب اجتماعي اكثر من العزلة الاجتماعية،،اعتقد يعتمد على شخصية الانسان ونوع الاشخاص اللي يختلط فيهم بالزوارات والجمعات هل شخصياتهم ايجابيه محبوبه ام لا،، كله يأثر لان اغلب جمعاتنا نكون فيها الوحيدين ضعيفين السمع فالوضع مختلف جدا ،، اغلب السوالف والاحداث تكون غير مفهومه كون القوقعة غير فعاله بشكل ممتاز اثناء الاجتماعات والضوضاء. أما عن إيجابيات مجتمعنا فأعتقد كون العائلة المترابطة شيء مقدس فيه فدائما عندنا احد يسندنا ويدعمنا نتجاوز صعوبات الحياة او الاوضاع والمواقف الغير مريحه اللي ممكن ننحط فيها بسبب حالتنا السمعية."

أما أمل فكان ما صرحت به دلالة على أن هذا المجتمع بحاجة إلى وعي عظيم " مشكله مجتمعاتنا انهم ما يحبون يكررون الكلام انا جربت الاجانب بالهم طويل ماشاءالله , ولما يعرفون انه عندك مشكله بالسمع معناه خلاص مسحوب عليك اما مجتمعنا ما يحبون يكررون ويستنفرون بسرعه ولما يدرون ما نسمع يسوون اختبارات عبالهم نجذب! يعني مره كنت رايحه مراجعه واقولها شنو عيدي البنت ماينسمع صوتها ولا ينفهم تنرفزت مني وقالت اذا ماسمعتي مو ذنبي اعيدلج قلت لها واللي يقولج فيني ضعف سمع جان تقول مشكلتج مواقف مواقف لي الراس بس جد الناس ماتتحمل"
هذا ما أكدته ريم بسخرية مريرة " صح المجتمع مالهم خلق يعيدون ولالهم خلق يخلوني اشوف شفايفهم لما يسولفون ويخلوني اكره القعده وياهم اقعد بالدار اجابل تلفوني ابرك!!" وأكدته للمرة الثالثة أبرار لكن على شكل تحدي إيجابي" صح عليك بس كذا حنا نتحمس ونشجع نفسنا انو نحاول ونحاول نفهم الكلام بدون شفايف ونفوز على المجتمع".


4: تحسون مجتمعنا / العائلة مضيقة عليكم في الحرية؟ يعني مبالغة في الحماية؟ هل تواجهونهم في هذي الامور؟

كان هذا أكثر الأسئلة حساسية بالنسية لي " ذكرت سابقا انه في فترة ضعف السمع عانيت من مشاكل كثيره وكانت اغلبها بسبب تضيق الاهل وخوفهم وحرصهم ،، مثلا كنت ممنوعه من المكالمات الهاتفية رغم اني كنت ببداية فقد السمع يعني للان اقدر عليها ،، وممنوعه من تناول المثلجات او الاستحمام قبل النوم مباشره لأنها برأيهم ممكن تسبب التهابات بالأذن وزيادة بفقد السمع وكان هدفهم المحافظة على سمعي،، ايضا بسبب خوفهم الشديد كان لازم يكون معاي احد منهم باي مكان عشان يسمع ويتكلم عني رغم اني لازلت اسمع لكن كانوا يخافون تصيرلي مواقف تسببلي احراجات او ضعف الثقة بالنفس، التعامل يفرق من عائله لعائله لكن اغلب العوائل وقعت بهذي الاخطاء بسبب الحب الشديد والحرص الشديد .. أما بخصوص الشق الثاني من السؤال والمختص بالمواجهة فبعد الزراعة واستعادة مستوى السمع بشكل لابأس به هم من نفسهم بدوا يحاولون يردوني للاعتماد على نفسي من جديد احيانا اخاف وهم يدفعوني دفع لان اول المحاولات هي الاصعب واحيانا يحاولون يساعدوني وارفض ونتواجه احيانا،، هالشي صحي للعلاقة العائلية اعتقد."

تقول أبرار بصراحة" في البداية امي كانت شوي مضايقتني بالحرية من يوم الابتدائي لما فقدت سمعي وقررت ازرع بمراجعاتي كانت الأخصائية تنصحها انو الافضل هي تتكلم من نفسه وتعتمد من نفسها عشان تقدر تتشجع وفعلا لما زرعت كل شوي تطلع لي شغله بسوق واماكن ثانيه عشان اعتمد ع روحي وصرت اروح بروحي واخلص كل شي يجيني شعور راحه وحماس اني انجزت, انا شلت بقلبي لما اشوف اخوي الي اصغر مني يعتمد ع نفسه ولما اسال امي تقول هو يسمع وانتي اخاف ماتسمعينهم  وقتها قعدت افكر حيل واقول بنفسي ليه ماعتمد ع نفسي واتشجع وانتي قدها وكذا والحمدلله عارفه إن الامهات يسوون كذا عشان قلبهم حنون ويعورهم علينا."

أما تهاني فكان جوابها" انا الحمدلله معطيني حريه بس ماعرفت اضبط نفسي الا بعد مازرعت".


5: تحسون في فرق بين المرأة الزارعة للقوقعة والرجل الزارع للقوقعة؟

ريم أبدت رأيها افتراضيا" اتوقع الرياييل اسهل لان من يشوفون السماعة بأذنه يعرفون ان ما يسمعون ويضطرون يعلون صوتهم ويكررون مره ومرتين وعشر"

أما رأيي فكان " اعتقد في فرق،، الصعوبات اللي يواجهونها نسبه كبيره منها مختلفة لان وضعهم الاجتماعي كرجل وانثى مختلف، حتى مسؤولياتهم بالمجتمع مختلفة، في صعوبات مشتركه طبعات مثل الصعوبات اثناء الدراسة والتوظيف والتعامل مع الزملاء، في صعوبات خاصه مثل كون الزارعة بتكون ام وممكن تعاني صعوبات خاصه مع التعامل مع الاطفال وتربيتهم،، ايضا الزارع ممكن يعاني مع صعوبات خاصه بالأبوة  والتواصل وهكذا. ولا ننسى اننا بمجتمع نسبه كبيره منه عندهم اراء رجعيه مثل الرجال مايعيبه شي والمره ادنى شي يعيبها ويعيقها عن تربية عيالها ومواصلة حياتها كفرد فعال .. كله يأثر ويصنع هالفروق والصعوبات".
لتؤكد أماني " في فرق بس شي خفيف يعني عندي بنت و ولد عمي مايشوفون كلهم منعزليين عن العالم بس الولد قدر يتزوج يكون اسره وهو مايشوف عكس البنت الحين عمرها تقريبا ب50 وما تزوجت وجدا منعزلة, حتى الولد كمان بس بين اسرته"

6: هل تتكلمون مع الأشخاص القريبين منكم بخصوص مشاعركم تجاه طريقة تعاملهم معاكم؟

تقول أم عبدالله بصراحة شديدة" اتوقع ماراح يفهمون مشاعري مايعرف للنار الا واطيها".

أما رماد فقالت " احيانا، الكلام بيعلمهم عن افضل طريقة تعامل كونهم لهم اراء خاصة بخصوص حالتنا وممكن اراءهم تكون غلط لكنهم يتعاملون حسب هالآراء لانهم ما يعرفون انها غلط فالتصحيح لابأس به،، الناس ما يعلمون الغيب لازم نتكلم عشان نتواصل".  


أتمنى كون هذه الأسئلة أو حتى أحدها أشعركم بالتفهم أو المواساة لستم الوحيدين في هذا الكون من بعاني ويمر بالصعوبات جميع البشر سواسية في ذلك، الأهم هو نظرتنا نحو أنفسنا وتعاملنا الإيجابي مع الأمور .. رجاء شاركونا آراءكم هنا حتى لو كمجهولين ، يملؤنا الشغف والترقب لقراءة تجاربكم آراءكم "فضفضاتكم" فلا تهملونا، دمتم آمنين.




RAMAD*
اقرأ المزيد ... >>