زرعت قوقعة لطفلي، ثمّ ماذا؟ - *RAMAD زرعت قوقعة لطفلي، ثمّ ماذا؟ - *RAMAD

الاثنين، 8 فبراير 2016

زرعت قوقعة لطفلي، ثمّ ماذا؟




هنا حكاية لاحدهم ~

"أمير" الذي كان بالفعل أميراً لطيفاً صغير ~
كان جميلاً ككل طفل، بخصلاته السوداء المجعدة، وخديه الممتلئان، عيناه الواسعتان تأسرانك بجمالهما، ولكم كانت والدته شاكرةً لكونه هادئاً مختلفاً عن اخوته، كلما نام لم تكن مضطرةً لشن حرب هوجاء على اشقائه كي لايزعجوه فيستيقظ، لانه مهما كان، لايستقيظ إلا إن هزه او لمسه أحدهم، لذا كانت تطمئن ماداموا لا يقتربون من مهده.
في عمر الأحد عشر شهراً حدث شيئٌ غريب، كانت امه جالسةً تداعبه وتناغيه، فجأه اصدم احد اشقائه بباب الغرفة المتداعي اصلاً، ليسقط الباب بجانبهم تماماً وبصوتٍ فظيع مدوي، افزع الصوت امه فقفزت مجفله ! نظرت إلى "أمير" بهلع لتتأكد أن الباب لم يصبه، المنظر كان غريباً جداً الباب إلى جانبه تماماً لكن... لكنه كان ينظر اليها بعينيه الواسعتان بنظرة جامدة! جامدة بشكل مفزع، اشقاءه يبكون، والده اتى من المجلس الخارجي يبحث عن سبب الضجه المدويه، اما والدته فكانت مجمدةً في مكانها تنظر إليه، اوصالها ارتعشت وراودها يقين وليد إدراك مفاجئ "ابني غير طبيعي!"
وهنا.... بدأت رحلة مختلفة في حياة أمير.

في عمر السنتان وبعد تشخيصه بالصمم الشديد تم التأكد من عدم استفادته من السماعات العادية لذا خضع أمير لعمليةٍ ستغير من حياته بشكل جذري كما قيل لوالديه، إنها عملية زراعة القوقعة بالطبع.

.
.
.

أمير في الثالثة عشر من عمره، صبي نحيل طويل جداً، اصبح مختلف، وحدهما عيناه وشعره الاجعد بقيا كما كانا، هنا فوق الرصيف كان يقف متكئا يسند ظهره على باب منزله كلما مر به احد يعرفه اشر بيديه أن سلام عليك، هاهو أبيه قادم أشر له بيديه شيئاً
: "صليت بالمسجد؟"
ليحرك أمير أنامله الرقيقه ويشير
: "ايوه، تو رديت"
،
،
لم كان لزاماً على أمير ان يتحدث بلغة الإشاره؟
لم كان عليه أن يدرس في مدرسة خاصة بالصم ؟!
لم كان يكره سماعته؟
لِمَ لَمْ تنجح زراعة القوقعه في جعله شخصاً طبيعياً يسمع ويتحدث؟



.
.
.
.
.



إن خطئيين رئيسيين قد يكونا سببا في حالة أمير، إما الجهل أو الاهمال أو وهو الغالب كليهما، المفهوم المغلوط الذي يقول "ازرع قوقعه لتسمع" مفهوم صحيح تماماً لكنه مقنن، وان لم تخضع لقوانينه ونقاطه وشروطه فأنت ستزرع قوقعة لكنك لن "تسمع"، ولن "تتحدث" !

سأخبركم بأهم النقاط هنا:
،
1/ المداومه على ارتداء السماعه ليتعود الطفل على الاصوات، لأنه كلما اعتاد عليها كلما توضحت له أكثر فأكثر.
،
2/ البرمجه يجب ان تكون ممتازه وهذه نقطة مهمة،
،
 "قد يكره الطفل ارتداء سماعته وينزعج منها وهذا قد يكون مؤشراً على أن الأصوات تصله بشكل مرتفع ومزعج أي أن برمجته غير مناسبة له، أو أن الطفل لايقوم بنطق احرف معينه فهذا غالباً لأنه لايسمعها بسبب خلل في برمجة السماعه يلغي سماع هذه الأحرف بالذات، أو أن يكون صوت الطفل عالياً يزعج من حوله وهذا دليل على أن في برمجته خلل يمنعه من سماع صوته"
وعلى فكره جميع هذه المشاكل حدثت معي إلى أن استقريت مؤخراً على برمجة تناسبني بحيث اسمع صوتي وتكون الاصوات المحيطة بي مرتفعة بدرجة مناسبه.
وهذا مايوضح لكم الاهمية القصوى للبرمجه وكيف أنه عليكم البحث عن مبرمج قوقعة ثقة.
،
،
3/ التأهيل ثم التأهيل ثم التأهيل، لأنه والبرمجة يكملان بعضهما البعض، زارع القوقعة يكون كالطفل الوليد يبذل جهده ليسمع لكنه ليس لديه حصيلة لغوية، وهنا يأتي دور التأهيل في اكتسابه الحصيلة اللغوية وتعليمه الكلام، وأيضا لو عدنا لأول نقطة كتبتها "الاعتياد"، هذا مايحدث أثناء التأهيل ايضاً، سأذكر لكم مثال لتصل فكرتي بشكل أفضل:
"في بدايات زراعتي كانت لدي مشكله مع هذه الحروف /س،ز،ف،ث/ انطقها لكنني اسمعها صوتاً واحداً دون اختلاف، كانت الاخصائية قد لاحظت مشكلتي معهم لذا في كل جلسه كانت تركز عليهم أكثر من بقية الاحرف، تعطيني كلمات متشابهة الاحرف مثل /فار، ثار/ وهكذا تكرر هي واكرر خلفها تصحح لي وتعيد، تلحظ مللي، تغير الدرس للاحرف سين، زا، فاء، ثاء تستمر بالإعادة و استمر أنا بالإشارة لها على صورة الحرف المناسب، تعد اخطائي وتحسب لي نسبتهم في هذه الجلسه، الموعد الذي يليه نبدأ بالاحرف، ثم ننتقل للكلمات، تحسب نسبة اخطائي وتعطيني المطلوب مني ان اتدرب عليه حتى الجلسة القادمه وهكذا إلى نهاية فترة التأهيل"
ومع الاعتياد على سماع الاحرف كانت النتيجه؟ التمييز بينها بالطبع! لأنني اعتدت على سماعها بشكلها الجديد علي وقام عقلي بتخزين صوت كلٍ منها تحت اسمه.
،
،
،
4/ لاتجعل طفلك يتحدث الإشارة بعد زراعته، امنعه، لإنه ان كان يتقن الاشارة مسبقاً سيستسهلها اثناء تواصله مع الاخرين عن أن يتعلم الحديث وهذا سيء له، الإشارة لغة جذابة لكنه يجب عليه أن يتحدث بشكل طبيعي، أولم يزرع القوقعة لأجل هذا؟
،
،
وهكذا تعلمون أن "أمير" لم يخضع لهذه القوانين ونتيجة ذلك الاهمال أن بقي كما لو أنه لم يزرع شيئاً !
بالمناسبة أمير ليس حقيقياً، لكنه وليد مجموعة من قصص متشابهه عن اطفال صغار يماثلونه، زرعوا قوقعة ولم تتغير حياتهم قيد أنمله، وكان هذا خطأ من؟
خطأ اطبائه الذين لم يوضحوا جيداً فكرة العملية ومايليها لوالديه!
خطأ عائلته التي اخضعته لهذه العملية دون بحث جوانبها ثم اهملته!
الخطأ مشترك والضحية واحده !!
لذا ارجوكم تجنبوا هذه الاخطاء لتمنحوا اطفالكم كل ماتهبهم القوقعة من صوت.



 #RAMAD*








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق